تفريغ بعضا من وصايا شرعية عند الفتن الغوية/ للشيخ مصطفى مبرم حفظه الله


مقتبسات من محاضرة الليلة: وصايا شرعية عند الفتن الغوية/ للشيخ مصطفى مبرم حفظه الله

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم


 (1)



بالصَّبر واليقين 
تُنال الإمامة في الدِّين




سمعتُ شيخنا مصطفى مبرم حفظه الله تعالى يقول:


من الوصايا الشَّرعيَّة عند الفتن الغويَّة: الصَّبر واليقين؛ وما أدراك ما أثر الصَّبر وما أثر اليقين عند ورود الفتن وعند كثرتها، ومن لم يصبر فليتصبَّر، ولهذا قال ربُّنا -سبحانه وتعالى-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [1] ومن أُغرق في الفتن لا يكون إمامًا، لا يكون إمامًا من أُغرق في الفتن وتلطَّخ بالفتن وتخوَّض في الفتن، {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[2] فإذا انتُزع من العبد الصَّبر واليقين فكيف يكون إمامًا؟ وكيف يكون مهديا في نفسه فضلًا عن أن يكون هاديا؟ 
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كلمته المشهورة: (بالصَّبر واليقين تُنال الإمامة في الدِّين) انتبه لهذا، الصَّبر عند الفتن حبسٌ للنَّفس ومنع لها من أن تدخل فيها، من أن تتخوَّض فيها، من أن تكون من أهلها، بل يصبر؛ وحقيقة الصَّبر -كما قلتُ-: الحبس، فمن لم يحبس نفسه عند ورود الفتن ويجعل هذا الحبس الَّذي يحبسه هو القيود الَّتي قيَّدها به الشَّرع فإنَّه يتخوَّض فيها؛ واليقين، وذلك أنَّ الصَّبر يمنع من الشَّهوات، واليقين يمنع من الشُّبهات؛ والفتن إمَّا شُبهة وإمَّا شهوة. 
واليقين يُعلِّم العبد أنَّ ما أنزله الله -سبحانه وتعالى- وأنَّ الدِّين لا يجتمع مع الفتن أبدًا؛ فلا يجتمع الدِّين مع الفتن على الاطلاق كما هو معلوم وكما تقدَّم في تبويب الإمام البخاري -رحمه الله-.
فإذا تيقَّن أنَّ ما أنزله الله -سبحانه وتعالى- في كتابه وما أَوحى به على نبيِّه عليه الصَّلاة والسَّلام من السُّنَّة وما كان عليه سلف الأمَّة هو الحق وهو الصِّراط المستقيم وهو الهُدى فإنَّه يجتنب كلّ ما ناقضه.
والعبد إمَّا أن يجتنب هذه الفتن أو أن يُجنَّب هذه الفتن وإمَّا أن يُبتلى بشيءٍ من غُباراتها ومصائبها ولابدَّ له أن يصبر في هذه الحالة.
قد أخرج أبو داود في سُننه من حديث أبي معبد المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّب الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّب الْفِتَنِ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ؛ وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا)) تعجّب النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام ممَّن جاءته الفتن، ابتُليَ بها، وقعت عليه هذه الفتن امتحانًا له، اختبارًا لدينه، فصبر وحبس نفسه عن الدُّخول فيها والولوج فيها؛ ما الَّذي له؟ عجَب النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم كافٍ في هذا الثَّواب، ((وَلَمَنْ ابْتُلِيَ)) ابتُليَ بهذه الفتن لم يقصدها، لم يذهب إليها، لا يُحبُّها، لا يُحبُّ أهلها، لكنَّه ابتلي بها لرفعة درجته فقابلها بالصَّبر ((فَوَاهَا))؛ فالصَّبر واليقين من أعظم أبواب الثَّبات 
فاصبروا عن الشَّهوات، فاصبروا عن الشُّبهات، فاصبروا عند الأزمات؛ توقن أنَّ ما عند الله -سبحانه وتعالى- في الوحي في الكتاب وفي السُّنَّة وما كان عليه سلف الأُمَّة هو خير لك في دينك وفي دنياك، مهما استحسنت نفسك، مهما خضعْتَ بعقلك، لكنَّك تنظر ماذا قاله الشَّرع، مهما رقَّت بك عاطفتك لابدَّ أن تنظر إلى الشَّرع وإلى الكتاب والسُّنَّة


مُقتبس من محاضرة: وصايا شرعيَّة عند الفتن الغويَّة 
               الـــمــــــــصــــدر                             

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة